Résumé:
لقد كان مسعى المشرع الجزائري، بعد الاستقلال ببناء اقتصاد قوي والتخلص من مخلفات الاستعمار والتبعية الاقتصادية للعالم الغربي، فقام بإعداد ترسانة من القوانين لتشجيع الاستثمار الأجنبي لاستقطاب رؤوس الأموال كما قام أيضا بتشجيع الاستثمار المحلي لحماية الاقتصاد المحلي، وهذا كله دون الأخذ بعين الاعتبار لمسألة البيئة والتي تمثل قبل كل شيء المحيط الذي يعيش فيه الإنسان والمكان الذي تنجز فيه الاستثمارات بشتى أنواعها.
وبعد انعقاد ندوة الأمم المتحدة بستوكهولم سنة 1972 تغيرت وجهة النظر من قبل دول العالم لمسألة البيئة، حيث توالت الندوات الدولية الداعية للموازنة بين التنمية وحماية البيئة، الأمر الذي دفع بالمشرع الجزائري إلى تغيير السياسة الاستثمارية من خلال إدراج البعد البيئي وكان ذلك لأول مرة من خلال دستور 1976، وسن قانون خاص بحماية البيئة سنة 1983 ثم تلته عدة مراسيم وقوانين لحماية البيئة بل ذهب لأبعد من ذلك من خلال سن قوانين خاصة بالاستثمار تكرس حماية البيئة.
ويمكن القولإن المشرع الجزائري قد وفق إلى حد بعيد من خلال القوانين التي اعتمدها لحماية البيئة من كل التجاوزات والانتهاكات دون عرقلة المسار التنموي المبني على الاستثمار.
حاول المشرع الجزائري التوفيق بين متطلبات التنمية الاقتصادية و مقتضيات حماية البيئة فالعلاقة بينهما علاقة تلازميه، و سعيا منه للتخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن مختلف الاستثمارات لاسيما الصناعية منها أوجد آليات لحماية البيئة و تحقيق التنمية والمتمثلة في آليات وقائية (الضبط الإداري)، و آليات ردعية لتحقيق حماية ناجعة للبيئة كسحب التراخيص و توقيع عقوبات على الجرائم الماسة بالبيئة، بالإضافة إلى توظيف تقنيات جديدة و المتمثلة في تقنيات الإنتاج الأنظف و الاعتماد على الاقتصاد الأخضر المستدام و التوجه نحو تعزيز استخدام الطاقات المتجددة و تشجيع السياحة البيئية.
وفي الأخير يمكن تقييم فعالية الآليات القانونية بين آليات لها فعالية وكفاءة وآليات أقل ما يقال عنها أنها لم تحقق الهدف المرجو منها، الأمر الذي أدى بالمشرع الجزائري لوضع آليات متعلقة بحماية البيئة في إطار تجسيد الاستثمارات، فلا بد من إرادة سياسية حقيقية تشجع الاستثمار وتحمي البيئة في نفس الوقت.
في ختام مذكرتنا حول موضوع حماية البيئة كقيد على حرية الاستثمار، يمكننا القول بأن حماية البيئة هي واحدة من القضايا الهامة التي يجب مراعاتها في العملية الاستثمارية.
فعلى الرغم من أهمية الاستثمار في تنمية الاقتصاد وتحسين المستوى المعيشي، إلا أن الآثار السلبية المترتبة على الاستثمار يمكن أن تؤثر بشكل كبير على البيــــئة والصحة العامةوبالتالي على حياة الإنسان.